السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد : فيا عباد الله /
ما زال حديثنا متواصلا عن الألفاظ التي يجب على المسلم أن يَحذر ويُحذر منها ، فمن هذه الألفاظ :
كما قال النووي رحمه الله كما في كتابه ( الأذكار ) أن بعضا من الناس إذا غضب أو إذا أراد أن يحقق أمرا قال ( إن لم أفعل كذا أو إن لم يكن الأمر كذا فأنا يهودي أو أنا نصراني أو أنا على غير ملة الإسلام ) فهذا القول محرم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، فإنه وإن عاد إلى الإسلام لم يعد سالما .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا فرغ المؤذن من الأذان قال ( حقا ، لا إله إلا الله أو إذا فرغ من الإقامة ) حتى إن بعض المؤذنين يقولونها ، لا شك أن كلمة ( لا إله إلا الله ) كلمة حق ، ولكن ليس هذا الموضع موضعا لها جاء به الشرع ، الشرع لم يأت بهذه الكلمة في مثل هذا الموطن ، فليتنبه لمثل هذا الأمر .
ومما يشابه هذا أن البعض من الناس إذا قال الإمام ( استووا ) قال استوينا ، وهذا لم يرد ، وبعضهم إذا قرأ الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }الفاتحة5 ، قال ( استعنا ) وهذا لم يرد ، إذاً يجب على المسلم أن يتبع ما جاء به شرع الله عز وجل ، وما جاء به رسولنا عليه الصلاة والسلام .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا رأى خيرا على إخوانه المسلمين من مال أو صحة أو خير ، وهذا قد يكون شائعا عند الشباب، يقولون ( هِب عليه ) هذا لا يجوز ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ( علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم على أخيه ما يُعجبه فليبرك ) يقول تبارك الله ، اللهم بارك له ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، أما أن يأتي بمثل هذه الألفاظ فإن في مثل هذا الأمر إيذاءً لأخيه المسلم ، فإنه وإن لم يرد إصابته بالعين قد يفتح أبوابا ، قد يفتح أعينا من أعين الناس ، بل قد يفتح أعينا من أعين الجن ، بعض الناس قد يمازح أخاه المسلم ويذكر محاسنه من باب أن يصيبه بالعين وهو لا يريد ذلك ، لكنه يفتح أعينا غامضة ، قد يكون من الجن ، النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى جارية وبوجهها سعفة ، قال ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) يعني أصابتها عين من الجن ، فكما أن الإنس يعينون الإنس فكذلك الجن يعينون الإنس .
ومن هذه الألفاظ ، وقد تكون عندنا قليلة وعند غيرنا كثيرة :
إذا توفي إنسان أو أُخبر عن وفاته قالوا ( البقية في حياتك ، أو فلان أعطاك عمره ) وهذا لا يجوز ، لأنه يفهم أن هذا الإنسان قد قُطع عليه أجله ، وهذا مذهب المعتزلة ، يقولون إن المقتول إذا قتل يقطع عليه أجله فإنه لم يتم أجله ، وهذا خطأ { فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }الأعراف34 ، كأنه يقول إن ما بقي من أيام لفلان نرجو أن تكون لك في حياتك ، وهذا خطأ .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا أراد أن يعبر عن المصاحف قال ( قرآنات ) وليس عندنا إلا قرآن واحد ، لكن اللفظ الصحيح السليم أن يقول
( المصاحف ) .
ومن هذه الألفاظ ، وقد تكون عند الجميع إلا ما رحم ربي :
أنه إذا دعا لنفسه أو دعا لإنسان قال ( إن شاء الله ، الله يوفقك إن شاء الله ، جزاك الله خيرا إن شاء الله ) كلمة ( إن شاء الله ) لا تقال في الدعاء ، النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يقل أحدكم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإن الله لا مُكره له ) وفي رواية ( فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ) فقول المشيئة في الدعاء محرم شرعا ، فلا تقل في الدعاء لنفسك أو في الدعاء لغيرك ( إن شاء الله ) .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا فرغ من قراءة القرآن قال على وجه الاستمرار ( صدق الله العظيم ) لا شك أن الله عز وجل صادق في قوله ، فهو العظيم عز وجل{ قُلْ صَدَقَ اللّهُ }آل عمران95 { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87 ، فلا شك في ذلك ، لكن أن يؤتى بها في مثل هذا الموطن بعد الفراغ من قراءة القرآن على وجه الدوام ، هذا ليس بمشروع ، لو قلتها أحيانا لا بأس بذلك ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين لما أمر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه ، قرأ عليه سورة النساء فلما بلغ قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً }النساء41، قال ( حسبك ) ولم يقل ( صدق الله العظيم ) فيقول ابن مسعود رضي الله عنه ( فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان ) صلوات ربي وسلامه عليه .
ومن هذه الألفاظ ، ولها وجه من حيث اللغة ، ولكن الأولى تركها :
أن البعض إذا سُئل مَنْ هذا الميت ؟ قال المتوفى فلان ، والمتوفي هو الله عز وجل ، هو الذي أوقع الوفاة على هذا الإنسان ، فالعبارة الصحيحة أن يقال ( المتوفى فلان ) لأنه هو الذي وقع عليه الموت ، أوقعه الله عز وجل عليه ، ولو قال ( المتوفي ) لها وجه من حيث اللغة بمعنى أن فلانا استوفى أيامه التي قدرها الله عز وجل له في هذه الدنيا ، ولكن اللفظ السليم الشائع عند أهل اللغة أن يقال عن الميت ( المتوفى فلان ) .
ومن هذه الألفاظ ، وتكثر كثيرا في التأكيد والضيافة :
( علي الحرام ، علي الطلاق ) هذه ألفاظ يجب على المسلم أن يحذر منها ، لأنها توقع الشخص في أمور هو في غنىً عنها ، لأن بعضا من العلماء يرى أن قول ( علي الحرام ) أنه ظهار مطلقا ، يلزمه ما يلزم المظاهر ، وأن كلمة ( علي الطلاق ) إذا حصل ما اشترط عليه وقع الطلاق ، فالأمر جِد خطير .
ومما يتبع ذلك أن بعضا من الناس إذا قال لضيف له ( علي الطلاق أن تأكل ذبيحتي ، قال له استغفر الله ) يظن أن الاستغفار بعدما قال هذه الكلمة تمحو ما يترتب عليها من يمين على قول بعض العلماء أو من طلاق على قول بعض العلماء – لا – متى ما صدرت منه هذه اللفظة فإنه يترتب عليه حكمها ، فإذاً لو قال له استغفر الله وقال استغفرت في مكاني ، هذا لا ينفع ، اللهم إلا في جانب المشيئة في قضية اليمين فيما لو حلف الإنسان فقال ( إن شاء الله ) في يمنيه فإنه لا حنث عليه ، هذا إذا قاله في أثناء اليمين ، كما قال بعض العلماء ، أما بعد الفراغ من اليمين فهناك فراغ بين أهل العلم .
الشاهد من هذا / أن كلمة ( علي الحرام أو كلمة علي الطلاق ) يجب على المسلم أن يحذر منها ، وأن قوله ( استغفر الله ) بعدما فرغ من قولها لا تغني عنه شيئا فيما يترتب على هذه الكلمة من يمين أو من طلاق .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس يظن أن الأمر الشديد الشنيع في الدعاء على المسلم أن يقول ( لعنك الله ) لا شك أن اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، وهو عظيم ، وغفلوا عن دعائهم ( الله يغضب عليك ، أو أدخلك الله النار ) الغضب من الله عز وجل أشد من اللعن ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الحسن ( لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار ) فلا يجوز لك أن تدعو على أخيك المسلم عموما إلا إذا كان ظالما ، وإذا كان ظالما فلا تدع عليه باللعنة ولا بالغضب ولا بالنار .
ومما يشابه ذلك في التحريم ، أن بعضا من الآباء إذا غضب على أبنائه أو على زوجته أو على أهل بيته دعا عليهم ، وهذا دعا عنه الإسلام وهو محرم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأولاد ، فلعلها توافق ساعة إجابة فيستجيب الله عز وجل ، فينبغي لأب إذا حصل من أبنائه ما يغضبه أن يحول هذه الدعوة عليهم إلى الدعاء لهم ، هداك الله ، أصلحك الله ، وفقك الله ، وما شابه ذلك من هذه الألفاظ .
ومن هذه الألفاظ :
أن بعضا من الناس إذا أصابته مصيبة قال ( الحمد لله الذي يُحمد على مكروه سواه ) الوارد ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبي واخلفني خيرا منها - قدر الله و ما شاء فعل ) أما هذه الجملة يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " إنها تدل على عدم الصبر " لأن الصبر فيه كره ، فواجب على المسلم أن يخفيه وألا يظهره حتى يكون صابرا ، أما إذا قال( الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه ) دل هذا على أنه لم يكن صابرا فيما أصابه من هذه المصيبة .
ومن هذه الألفاظ ، وهي عند طائفة من مجتمعنا :
أنه يقول لكبير السن أو لأبيه إذا كان طاعنا في السن ( السكروب أو الشاكوش ) وهذا فيه امتهان ، سواء كان لأب أو لشخص بعيد ، فإن هذا خلاف المروءة وخلاف ما جاء به الشرع ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ) فوصفه بهذه ا الأوصاف ليس تكريما له وإنما ذم له ، فليتنبه لمثل هذا الأمر .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس يقول ( الله اكبر عليك ) يقول الشيخ ابن قاسم رحمه الله في حاشية الروض " هذا دعاء من المتحدث على المخاطب " فهذه دعوة يدعو بها عليه .
ومن هذه الألفاظ ، وهي شائعة عند الشباب :
وللأسف فإن أحدهم إذا قابل زميله قابله بتحية اللعنة ولا يقابله بتحية الإسلام ( السلام عليكم ) وهذه منتشرة عند كثير من الشباب ، وكما أسلفنا أنه لا يجوز التلاعن بلعنة الله حتى في حال الغضب ، فكيف في حال اللقيا مع الزميل ؟ بل إن هذا خطير جدا ، فقد يتوافق هذا وهذا في النار ، لأن تحية أهل النار { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا }الأعراف38 ، فهذه تحيتهم ، نسأل الله العافية .
ومن هذه الألفاظ :
ويمكن أن تكون شائعة عند حصول الأجواء الطيبة الجميلة أو عند أكل طعام لذيذ أو شراب لذيذ :
يقولون ( هذا جو يَرُدُّ الروح ، أو هذا الأكل يرد الروح ) سبحان الله ! الذي يرد الروح هو الله عز وجل ، فهذه اللفظة يجب أن يتنبه لها وأن تُجتنب ، لأن هذا خطأ وخطر عظيم ، فإن الذي يرد الروح هو الله عز وجل .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا غضب أو إذا أراد أن يؤكد شيئا قال باللهجة العامية ( احلقها ما هي على رَجّال ) يشير إلى لحيته ، هذا فيه امتهان للحية التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وتوفيرها وبالحث على إطلاقها ، فمثل هذه اللفظة يجب أن يتنبه المسلم لها وألا تلج على لسانه .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا قيل له ( فلان يسلم عليك أو فلان يقرئك السلام ) قال ( الله يسلمه أو الله يسلمك ويسلمه ) الوارد إذا أقرئت السلام من شخص أن تقول ( وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ) {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }النساء86 .
وكذلك بعض الناس إذا قلت له السلام عليكم ، قال ( هلا ، مرحبا ) لا شك أنها تحية ولكن لم يرد التحية بأحسن منها ولا بمثلها ، لا مانع أن تقول أهلا ومرحبا ولكن بعد أن ترد السلام ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلا ومرحبا ، لا بأس أن تزيد في ذلك ، أما أن تقتصر على هاتين الجملتين إذا سُلِم عليك ، فهذا خطأ .
ومن هذه الألفاظ ، وهي عند كثير من الناس :
أنهم إذا أرادوا أن يخاطبوا أحدا لا يعرفونه قالوا ( يا محمد بكم هذه ؟ يا محمد اذهب من هنا) أصبح هذا الاسم مبتذلا مهانا ، وهو اسم رسولنا صلى الله عليه وسلم ، حتى إنه يطلق على الكفار ، فإذا أراد الإنسان أن ينادي شخصا مهما كانت ديانة هذا الشخص أن يقول ( عبد الله ) هو وإن لم يكن عبدا لله عبودية خاصة يؤجر عليها ، إلا أنه عبد لله عبودية قهر وذل{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً }مريم93، فهو عبدٌ لله عز وجل .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا أراد أن يقابل أخاه بما قابله به من الإساءة أو يرد كلامه قال ( خير يا طير ) ما وجه إيراد كلمة الخير مع كلمة الطير ؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الطيرة شرك ، الطيرة شرك ) فهذه الكلمة من التشاؤم ، ولذلك ابن عباس رضي الله عنهما كما ذكر ذلك ابن حجر رحمه الله في الفتح ( لما كان معه رجل وسمع طيرا ينعق ، فقال هذا الرجل خير خير ، قال ابن عباس رضي الله عنهما لا خير ولا شر عند هذا الطير ) إذاً ما وجه إيراد كلمة الخير مع كلمة الطير ( خير يا طير ) فهذه الكلمة يجب على المسلم أن يحذر منها لأنها من قبيل التطير الذي هو التشاؤم .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس يقول ( لك الله ) يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هي كلمة تعجب مثل لله درك "
ولكن أقول ينبغي في حال التعجب ألا يؤتى بها لأن ظاهرها ليس حسنا ( لك الله ) وإنما تقول إذا أردت أن تتعجب لله درك ، فهذا الأسلم لك.
ومن هذه الألفاظ :
وهي شائعة عند الأطفال ، وينبغي أن ننبه أطفالنا وأن نربيهم على العقيدة ، إذا خاف من شيء قال ( يُمَّه ) لا يجوز أن يدعو إلا الله عز وجل الذي يلجأ إليه عند الشدائد وعند الخوف والفزع ، ولذلك ينبغي لنا إذا صدر ت مثل هذه الكلمة من أطفالنا أن ننبه عليها .
ومن هذه الألفاظ :
وهي شائعة عند بعض الرياضيين ، ويكتبونها كعبارات تحث على الرياضة ، ولا شك أن الرياضة مفيدة إذا خلت من المحذورات الشرعية ، أنهم يقولون ( العقل السليم في الجسم السليم ) ليس على إطلاقه ، فالمنافقون كما قال جل وعلا { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ }المنافقون4، ومع ذلك لا عقول لهم ، قال عز وجل {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ }المنافقون3 ، فإذاً هذه الكلمة ليست على إطلاقها ( العقل السليم في الجسم السليم ) ليس قولا صوابا على إطلاقه ، مع اتفاقنا على أن الرياضة مفيدة ومهمة جدا إذا انضبطت بالضوابط الشرعية .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا غضب من شخص أو من أولادهم قالوا مخاطبين الجن ( خذوه ) فالجن لا يملكون ضرا ولا نفعا { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ }البقرة102، هم ضعفاء مثل البشر لا يملكون شيئا ، تحت سيطرة الله عز وجل ، فالذي يُدعى هو الله عز وجل ، أما كلمة ( خذوه ) فهذا من دعاء الجن ولا يجوز شرعا .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا سئل عن حاله قال ( الله يسأل عن حالك ) سبحان الله ! هل الله يسأل ؟ الله عالم بكل شيء ، فهذه اللفظة يريدون منها الدعاء لهذا الشخص ، ولكن لا تقال بهذه العبارة فإن الله عز وجل مطلع على كل شيء ولا يسأل أحدا ، حاشاه عز وجل أن يغيب عنه شيء ، وإنما يقال أصلح الله حالك أو شرَّف الله حالك .
وكذلك بعض الناس إذا غضب من شيء أو من شخص لأن هذا الشخص في ظنه أنه أكل حاله وصحته بمتابعته له من زوجة أو من ولد أو ما شابه ذلك من أقرانه أو ممن يصاحبه ، قال ( الله يأكل حالك أكلت حالي ) هذا خطأ ، فإن الله لا يأكل { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ }الأنعام14، فإذاً يتنبه لمثل هذا الأمر ، مع التذكير بأننا أسلفنا الحديث بأنه لا يجوز الدعاء على الأولاد .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الناس إذا ذُكر خير فيه وخشي من العين قال ( شمس وشميسة أو حابس قابس وشهاب قابس ) هذا خطأ ، ما هذه الألفاظ ؟! لا تحمل معنى ولا فائدة ، بل قد يكون في مضمونها دعاء الشمس والتعلق بالنجوم ، فليتنبه لمثل هذا الأمر ، فعلى المسلم إذا خاف أن يُعان أو أن يصاب بأذى عليه بالتعويذات الشرعية الواردة في شرع الله عز وجل .
ومن هذه الألفاظ :
وهي عند بعض التجار ، أنه إذا سئل مثلا عن سيارته أو عن أرض له والسائل يظن أن المالك لن يبيع هذا الشيء ، فيقول مالك هذه السلعة ( ما فيه شيء محرم على البيع ) هو يريد ما في شيء محرم مما هو حلال على البيع ، ولكن هذه اللفظة في جملتها ليست بصحيحة ، لأن هناك أشياء محرم بيعها ، فكلمة ( ما في شيء محرم على البيع ) على وجه العموم ليست صوابا .
ومن هذه الألفاظ ، والتي امتهنت عند كثير من الناس :
أنهم يطلقون كلمة ( الشيخ على أي شخص ) على كل من هب ودب
( يا شيخ ، يا شيخ ) وكلمة الشيخ تطلق على العالم ، وتطلق على كبير السن ، كما قال الشاعر :
زعمتني شيخا ولستُ بشيخٍ إنما الشيخ مَنْ يدبُ دبيبا
فالشيخ الكبير يطلق عليه شيخ باعتبار سنه ، والعالم يعتبر شيخا باعتبار علمه ، إذاً لا تمتهن هذه الكلمة .
الخطبة الثانية
أما بعد فيا عباد الله /
ومن هذه الألفاظ :
أن كثيرا من الناس يطلقون كلمة ( نسيبي أو رحيمي ) على مَنْ تزوج ابنته ، وهذه الكلمة ليست صحيحة من حيث الشرع ، وإنما الصحيح
( صهري ) لأن النسيب أو الرحيم هو من اجتمعت معه في رحم ، وهذا لم تجتمع معه في رحم { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً }الفرقان54 ، والذي دعاني إلى أن أقول هذه الكلمة ، مع أن الناس لا يقصدون ما يخالف الشرع ، الذي دعاني أني سئلت قبل أسبوع قبل إيراد هذه الخطبة ، سئلت عن مسألة وهي :
إنسان تزوج من امرأة وهذا الرجل له أولاد و قد تزوج بامرأة أخرى غير أمهم ، أم الزوجة الثانية الناس يطلقون عليها عمة والبعض يطلقون عليها خالة على اختلاف الأقطار والمدن ، فقال لي هؤلاء الأولاد ألا يكشفون على أم زوجة أبيهم ؟ قلت لم ؟ قال لأن عمة الأب تعتبر عمة لأولاده ، قلت صحيح هذا من حيث الشرع عمة الأب هي عمة لأولاده ، ولكن أهذه عمة شرعا ؟ أو خالة شرعا ؟ ليست بعمة ولا بخالة شرعا ، ولذلك يتنبه لمثل هذا الأمر، اللفظ الصحيح أن يقال ( صهري ) أما كلمة نسيبي أو رحيمي إذا ترتب عليها مثل هذا الخطأ الشنيع الذي سئلت عنه فلا يجوز أن تطلق إذا كانت بهذا الاعتبار .
ومن هذه الألفاظ :
أن البعض من الشباب يقول ( وغلاتِك ) يعني من المحبة والتقدير ، وهذا حلف بغير الله عز وجل .
ومن هذه الألفاظ :
وتكرمون عنها ، أن البعض من الفساق ، وقد تنطلي هذه الكلمة على أهل الخير إذا أرادوا أن يصفوا الخمر ، يقولون ( الشراب الروحي ) سبحان الله ، بل والله هي العذاب الروحي ، لأنها بوابة المخدرات ، وما للمخدرات من أخطار على العقل والمال والقوى ، كيف توصف بهذا الوصف ؟! وهناك معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم إذ صح عنه أنه قال ( ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ) تسمى الآن عند الفساق بالشراب الروحي ، لكن لا توصف الخمر بأنها شراب روحي بل هي عذاب روحي ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الخمر أم الخبائث من شربها وقع على أمه وخالته ) ألم يقع أصحاب المخدرات على محارمهم ؟ ألم يقتلوا أحب الناس إليهم ؟ فكيف توصف بأنها شراب روحي ؟! .
هذه جملة من الألفاظ التي سبرتها من الكتب ومن ألفاظ الناس ، ولعل هذا الخطبة تكون آخر ما يتعلق بهذا الموضوع ، نسأل الله عز وجل أن يصون ألسنتها وجوارحنا عما يسخطه ويغضبه .
للامانة منقول